الواحة

أصل الحكاية

واحد من الأحلام التى تشغل بال كل أسرة مصرية ، وتؤرقهم ليل نهار هو  "أزاى آَمن مستقبل الأولاد وازاى أدخر مال ليكون ضهر وسند لهم فى الحياة " ..... ونرجع لأصل الحكاية التى توارثناها من آبائنا وأجدادنا .... " طالما فتحت بيت وأصبحت من الكبار فى الأسرة .... عليك أن تتحمل كل الطلبات و المسئوليات والأعباء ، والتى لا تستطيع الهرب أو الشكوى منها ".. ولأنك أصبحت من كباراليوم وقد كنت  بالأمس القريب واحد من  الصغار والذي كان لك من يرعاك ويتحمل مسئوليتك..... ومع صعوبة الحياة والتي تزداد يوماً بعد يوم وأصبحت الالتزامات الكبيرة مع نقص المال المتاح تكسر ظهر الكبار فى هذا الزمن الصعب ..... وعلينا واجب كما فعل آباؤنا .. آتى الآن دورنا لنكون الحائط الصد ونشيل الشيلة التقيلة بحلوها ومرها دون قول كلمة كفاية مش قادر ........
ولكن مع الظروف الصعبة التى تمر بها كل أسرة مصرية علينا أن نرتب اولويتنا ونساند اولادنا علمياً ، بحيث يكون التعليم هو السلاح لمواجهة مصاعب الحياة وتقلبات الزمن ولا نحلم بأكثر من ذلك أذا كانت قدرتنا المادية محدودة ومعروفة ولا يشغلنا ماذا نترك لأولادنا من مدخرات لتأمين المستقبل .......
 ولتحقيق أهداف أو أحلام صغيرة مناسبة للظروف والقدرات دون  الجرى وراء أحلام صعبة المنال أو غير مناسبة .. وبكده نحمي أنفسنا من الشعور بالإحباط نتيجة الفشل في تحقيق مستقبل مادي أفضل ... ويتطور الشعور بالفشل إلى ضغط نفسى يومي يمارسه الشخص لنفسه أو ما يعرف بجلد الذات .... ونتيجة الضغوط اليومية  والمسؤوليات والالتزامات المتزايدة على مر السنوات يصل أحياناً إلى الشعور بالعجز.... ولكن لو أخذنا نفس عميق و فكرنا قليلا هنعرف أن الغلط من الأول أنك حلمت بمستقبل مش ليك ومش على قد امكانياتك وفوق مستوى قدراتك يعنى الحلم ده مش بتاعك....... ...
فما لا يدرك كله لا يترك كله فالأهم أن تؤهل اولادك تعليمياً مع تنمية قدراتهم ليصبحوا جاهزين للمنافسة وتحقيق ذاتهم ويشيلوا نفسهم بأنفسهم ...........
وهنا انت وحظك ممكن يكون ربنا يكرمك بابن مطيع وعارف مصلحته ومحتاج بس مساندة معنوية وتشجيع ... وممكن يكون حظك فى ابن محتاج ليل نهار التوجيه و أحياناً إلى التوبيخ لأنه صاحب قدرات تحصلية ضعيفة أو مش مهتم بالدراسة أو بطبيعته شخصية اعتمادية على الغير على طول الخط ........
وأحد النماذج التى تصلح ليكون قدوة ومثل ، على الرغم من أنه يعتبر حالة استثنائية إلا أنه يشجع ويحفز على النجاح والتفوق ....  حكاية لازم نقول بعدها بجد أن  مصر فيها حاجات حلوة تدعو للفرح والأمل فى بكره . ... خبر انتشر منذ فترة قصيرة فى وسائل الإعلام المختلفة وهو إلحاق الطالب يحيى عبد الناصر محمد من الصف السادس الابتدائى بمدرسة اللغات الرسمية  بمحافظة دمياط مباشرة إلى كلية العلوم بجامعة دمياط بدلتا مصر من دون المرور ببقية المراحل التعليمية بالإضافة إلى إلحاقه ببرنامج جامعة زويل للمتميزين منحة من الحكومة المصرية لرعاية أبنائها النابغين .... يحيى تربى وسط أسرة  أم موظفة بأحد الهيئات الحكومية وأب مهندس و شقيق توأم وشقيقة ... وفى هذا البيت عاش يحيى ومنذ سنواته الأولى دراسياً.. وفي صورة هي الفريدة من نوعها ، كل اهتمامات الأطفال هي مشاهدة مسلسلات الأطفال والكرتون، واللعب على الموبيل ، ولا يميلون إلى النواحي التعليمية ، نجد يحيى يذاكر ويجتهد ويجتاز اختبارات دولية فى سن مبكرة جداً ، وهنا يأتى وعى الأبوين ، لاحظ الأب إلى أن هناك بعض التفاصيل والإشارات التي شجعت الأسرة على دعم ابنهم ، أبرزها قدرته على الفهم، وعشقه للقراءة ، وسرعته في حل أي مسألة في الرياضيات قبل ما ياخذها فى الفصل والسرعة في التعامل مع العمليات الحسابية الصعبة . كما أن  لديه قدرة على استيعاب دروس الفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلوم الحاسب الآلي ... وهنا تأكد للأم والأب أن فى بيتهم طفل نابغة لازم ياخد حقه من الاهتمام والرعاية وهنا ظهر دور الأم التى لم تترك باباً إلا طرقته لمساعدة ابنها للوصول للرعاية الكاملة من الدولة فقدمت له فى كل المسابقات على مستوى المحافظة ، ومع طلاب في مراحل تعليمية أكبر .. وظلت تطرق الأبواب فى مديرية التعليم بالمحافظة إلى أن وصل الصف السادس الأبتدائى وأصبح يحيى معروفا فى الإدارة التعليمية كجوهرة فطرية ثمينة تتطلب رعايتها .... وبفضل دور الأم الدؤوبة  الواعية ... وصل الأمر للمحافظ ثم وزير التربية والتعليم والذى قرر إجراء اختبارات ليحيى فى العلوم والرياضيات فى جميع الصفوف التعليمية من اولى اعدادى ثم بعد اجتيازه الصف الثانى اعدادى ثم الصف الثالث وهكذا حتى وصل إلى الصف الثالث الثانوية وبعد أن اجتاز كل الاختبارات بتفوق ملحوظ .... وصل الأمر لرئيس الوزراء والذى قرر ووافق على إلحاق يحيى عبدالناصر الطالب بالصف السادس الابتدائي، بكلية العلوم، نظرًا لنبوغه العلمي، وذلك بناءً على نتائج اختبارات القدرات التي اجتازها وأثبت كفاءته العلمية من خلالها... ولن تنتهى حكاية يحيى عند هذا الحد  بل مؤكد فى القريب سنسمع هذا الأسم كأحد علمائنا النابغين فى العالم  ................
أما النوع الأخر من الأولاد هو محتاجك تقف جنبه على طول الخط يستنزفك مادياً ومعنوياً وأنت تحاول دائماً أن تنقذه من الفشل أو تحاول أن تقلل من تأثير الفشل على حياته فيما بعد وهذا ما فعله حسام بأبويه طوال مشواره الدراسي الملىء بالاخفاقات مع قليل من النجاحات وبمساندة الدروس الخصوصية طوال المراحل التعليمية ...  ومع نتيجة نهاية العام والتى تكون غير مرضية على طول الخط ونجاح بالعافية .... مبررات الفشل أو الضعف سابقة التجهيز .. من صعوبة الامتحانات .. إلى مدرسين غير قادرين على شرح  المواد الدراسية ... إلى آخره .... أسباب يصدقها الأبوين أحياناً .. مع الاستمرار فى أداء واجبهم خوفاً على ابنهم المدلل... والتوقعات أن حسام سيظل شخص اعتمادي بطبعه ...وعدم التقدير .. لما يمثله من خيبة آمل للأبوين بعد أن وضعوا وبنوا أحلام وعشم أن بكرة هيبقى أفضل وأحسن إن شاء الله وسنة ورا سنة والحال زى ما هو .... وعشم وأمل الأبوين بيزيد .... أصل لازم ما يبقاش أقل من فلان وعلان وتيجى الطامة الكبرى فى الثانوية العامة والخروج من عنق الزجاجة وتكون نتيجة مؤسفة لتستمر المساندة والتي أحيانا تكون نتيجتها حرمان الأسرة من أشياء ضرورية فى الحياة .... من أجل الجرى وراء حلم " إحنا بنعمل مستقبل للعيال" سواء فى مراحل التعليم أو أن تترك لهم فلوس تنفعهم ..... ولكن المقابل و الثمن كبير يدفعه الكبار أو الأبوين وهو أنهم وراء أحلامهم وحبهم لأولادهم ... قد سلبوا بأيديهم أفضل ما فى الحياة وهى أن تعيشها وانت واخد نفسك و....... و.........
والدرس الذي نتعلمه ... أن مش مطلوب أن يموت جيل كامل من التعب ..والقلق..  والتفكير فى تأمين مستقبل لأبنائه فوق مستوى القدرات ودرجة الاحتمال .....ليه منعيش حياتنا و تمشى بيها ..ونعافر فيها .. و احنا عايشنها ...ولنا شرف المحاولة .... لتأمين حياة اولادنا فى النهاية لازم نقف جنب ولادنا فى مراحل التعليم المختلفة وفقط  .... أما الباقى حسب النصيب أو الظروف وتسهيلها والأهم أن نتركه لتدابير الله لنا ................... 
الهام السيد