الواحة

زجاجة مياه فى عز الحر

لم يساورها الشك لحظة أنه هيبقى يوم جميل ، لم تهدأ الأم أو تشعر بأى ملل وهى تؤكد وتكرر نفس الكلام لابنتها وهى تستعد لمقابلة خطيبها .. أن لا تتجبر عليه زى اللى بيحصل من بعض الأُسر ...وتكرر للمرة المائة أن الخطوبة اتعملت كفترة اختبار بين الطرفين والصح بنختار اللى يرضى احساسنا ويقبله عقلنا وأحنا بنعطى حرية الأختيار ونراقب من بعيد وفى النهاية أحنا عايزينك تبقى سعيدة مع الشخص المناسب ليكى ولينا ...  يعنى زينا فى الأخلاق وطريقة التربية وشبهنا فى التصرفات والمواقف وشبهنا فى المعيشة و ........
، وخلى بالك أنتوا بتتعرفوا على طباع بعض ....وهو كمان هيحط تصرفاتك تحت الميكروسكوب وهيروح يحكى حاجات كتيرة لأهله .. و قد بدا على الأبنه التأفف والزهق ... هنا قالت الأم بعد أن صارت الأقرب لأبنتها ..  بصى واسمعى كويس هوخطيبك اتصل بيكى وقالك أنتى هتنزلى تشترى ملابس جديدة للعيد منين ؟!!!! وهو نازل معاكى دلوقتى شكله كده عاوز يشترى ليكى طقم هديته ليكى فى العيد وأكيد بعد ماتشتروا .... هتاكلوا فى أى مكان وهسيبلك حرية اختيار المكان .. أوعى تختارى مكان غالى كفاية عليه اللى هيجيبوا وماتختاريش حاجات غالية أنتى عندك حاجات كتيير ... وودعت الأبنه أمها مع وعد بتنفيذ كل التعليمااااات ...................
وذهبت الأبنه وكلها تفاؤل وسعادة فى أول خروجه لها خارج المنزل مع خطيبها ...وبعد أن وصلت فى المكان المحدد ..  قالت له هنعمل أيه دلوقتى قال لها هو المكان فين !!!! قالت مش قلت لك فى التليفون ..... قال ماشى يعنى قريب من هنا ردت مسرعة لأ !!!!!! رد اديَنا بنتمشى مع بعض شوية ردت بس المكان بعيد حبيتين والدنيا حر !!!!!! .... وبعد شوية مشى حلويين مع سخونة الجو .....دخلت الأبنه مع خطيبها أول محل وكعادة البنات فى اللف الكثير عند الشراء دخلت الأبنه محل والتانى ..ومع الثالث أعجبتها بلوزة فى الفاترينة .. وفى نفس اللحظة قال خطيبها أن عليه أن يجرى مكالمة هامة وأنتظرته الأبنه دقائق قليلة ...ثم دفعت ثمن البلوزة .. وخرجت من المحل ليقترب منها ويقول فعلا شكلها حلو قوى !!!!!!! وأكملوا السير بحثاً  لشراء بنطلون .... ونفس السيناريو تكرر من خطيبها فى المحل الآخر ....... وحَمدت الأبنه ربنا أن معاها فلوس دايما فى شنطتها وإلا كان هيبقى شكلها بايخ ... ورمقته بنظرة ضيق بعض الشىء وتساؤل مع نفسها  .. أومال هو أصر أن يجى معايا ليه .... يبقى أنا وماما فهمنا غلط .. وللحظة فكرت تمشى وتنهى اليوم على كده .... ولكن تراجعت من باب الذوق ... وقالت هنعمل أيه بعد كده قال لها أنتى زهقتى أحنا مش بنشوف بعض كل يوم وسايرته خجلاً ........
ولم يكترث الخطيب ما بدا على خطيبته من مظاهر التعب والأرهاق.....ووقفت فجأة وسألته هو أحنا هنقعد فى أى مكان !!!!!!!!!! فرد بدهشه !!! فى بيتكم طبعاً ... فأسرعت بالرد بيتنا أزاى ..... ماما مشلقبه البيت كله تنظيف عشان العيد .. فقال هو أنا غريب ؟! فأكملت باستسلام طب لازم أكلم ماما اديها خبر ..... واخبرت أمها فى التليفون فصرخت فيها أزاى جاى أحنا هناكل أى حاجه وأزاى مكلمتنيش من بدرى ... انتى مبتعرفيش تتصرفى أبداً .... وصمتت لثوانى ثم أكملت خلاص هطلب سمك وأمرنا لله.... ردت الأبنه ..ماما وسط البلد زحمه قوى ومش عارفين نمشى من تكدس الناس ..  والطريق واقف ومش قادرين نركب حاجة ........... وواصلت الأبنه السير هى وخطيبها من شارع لأخر أملاً فى العثور على ركوبه ؟؟؟؟!!!!!!
وظل الحال كما هو لوقت طويل  .. وأشارت الأبنه على كشك بالناصية الأخرى بأنها هتروح تشترى زجاجة مياه لأنها هتموت من العطش .. فرد عليها وأشار لها بالإسراع ليركبوا الأتوبيس القادم.............. وأخيراً وصلت الأبنه للبيت وهى غير قادرة على الوقوف على رجليها ..عطشانه .. منهكه .. جريت مسرعة على المطبخ لتشرب زجاجة مياه فى نفس واحد من شدة العطش ... ترمقها الأم بنظرة تساؤل واستفسار .... هو أيه اللى جابك وشكلك عامل كده ليه ؟؟؟!!!! ... ولم تنتظر الإجابة وأخذت فى عَجل فى ترتيب السفرة وهى تقول موجهه كلامها لخطيب ابنتها انت عارف كل البيوت بتاكل أى حاجه اليومين دول بس أنا قلت ميصحش فجبت سمك عشان أنا كان فى اعتقادى أنكوا هتاكلوا  بره !! فرد الخطيب وسط صمت الأسرة .. بره  !!!!  أيه يا طنط هو فيه أحسن من أكل البيت !!!!  ...... وبعد تقديم مشروبات ما بعد الغدا بين الساقع والساخن لزوم الضيافة ..... وفى النهاية قام الخطيب مودعاً الأسرة وهو يقول مبتسماً....... أنا إن شاء الله هاجى اتغدا معاكوا أول يوم العيد هو مش الأصول كده ولا أيه !!!!! فردت الأم أنا كنت لسه هقولك طبعاً طبعاً أكيد يابنى أنت تشرفنا فى أى وقت ........
وبعد عودة الخطيب لبيته اتصل متحدثاً مع خطيبته بصوت فيه نوع من الدهشة ...  أزاى تقدموا سمك وأنتو عارفين ان أنا جاى وحتى كان سمك بس !!! مفيش جنبه جمبرى ولا نوع أى تانى ... مش معقول اللى حصل ده ...................
وفى هذه اللحظة طفح الكيل ونفذ صبر الأبنه وأغلقت السكة فى وشه غير نادمة على فعل ذلك ودون أن تستشير أحداً ولكن هى وصلت معه إلى نقطة أن رصيدكم قد نفذ .............
حينما يأتى إلينا الأحساس الذى يصل إلى اليقين بأن ذلك الشخص بخيل بل تتجسد فيه خميرة البخل ... فسيصبح زوج بخيل ليس فى المال بل المشاعر قبل المال وعلينا أن نخلع من الموضوع وننفد بجلدنا ... ولأن البخل ليس له علاقة بالمستوى المادى ويُعتبر من الصفات المتأصلة فى الشخص  وتظل ملازمة له طوال العمر وعلينا أن نأخذ حذرنا من البخلاء ... وفى حكايتنا البخل هنا ليس بسبب أنه لم يشترى لها الملابس وهذا ليس فرضاً عليه على الرغم من وجوده بين مستويات اجتماعية كثيرة  ولكن ظهر بخله بوضوح فى تصرفات كثيره أخرى ... وواجبنا نحن الأباء أن لا نفرط فى حقوق بناتنا ..... نحن نساعدهم فى اختيارتهم بخبراتنا التى تراكمت على مر سنوات طويلة ونستطيع بها أن نلمح وندرك صفات البشر ونلمحها من بين السطور ... ولا يجب أن تكون حجتنا أن لا يوجد كمال عند أى شخص ولكن علينا أن نفكر جيداً فى العيوب قبل المميزات .. لنحكم هنا هل نستطيع أن نتعايش معها أم لا وعلينا أن لا نترك اولادنا فى حياة جديدة وتكون جوازه والسلام ...
لو أختارنا ناس مش شبهنا هنعيش معاهم كأننا غرباء ، ونفضل طول عمرنا نندم وندورعلى اللى شبهنا ونتحصر ولكن بعد فوات الآوان .......
الهام المليجى