خواطر ايمانية

كبـــار الســــن

·  أوصى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بتكريم كبار السن وخصوصاً الوالدين – في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، من ذلك قوله تعالى: [إمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُمَا وقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً] [قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ].. وفي الحديث الشريف } ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا { }إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم{ } أنزلوا الناس منازلهم{.
·  كبار السن هم الأساس، هم الخبرة والحكمة، هم القدوة علماً وخلقاً وسلوكاً، هم التاريخ والإطلالة على الزمن الماضي  بمواعظه ودروسه وعطائه وإيجابياته وسلبياته التي تتعلم منها الأجيال اللاحقة، هم أصحاب الفضل، والله تعالى يقول: [ولا تَنسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ].
·  كبار السن قومٌ غادر بهم القطار محطة اللذة، وصاروا في صالة انتظار الرحيل، يعيشون بين ذكريات ماضٍ ولىّ ويزداد بُعداً، وبين آمال مستقبل آتٍ وقد لايجىء، هم الآن حاضرون وغداً سوف يذهبون، وعما قليل ستكون أنت هذا الكبير المسن، فانظر ما أنت صانع وما أنت زارع وفي الحديث الشريف
} افعل ما شئت كما تدين تُدان{.
·  كبار السن قد يرقدون ولكن لا ينامون، وقد يضحكون ولكن لا يفرحون، وقد يُخفون دمعتهم تحت بسمتهم، فاجعلهم يعيشون أياماً سعيدة وليالٍ مشرقة، ويختمون حياتهم بصفحات من الاطمئنان والرضا حتى إذا رحلوا لا تصبح أنت من النادمين.
·  كبار السن لديهم فراغ يحتاج إلى عُقلاء رُحماء يملؤونه، فهم أحوج من أطفالنا إلى التدليل والاسترضاء والعاطفة والحنان والرفق والصبر على تجاوزاتهم والسهر والتضحية من أجلهم والإحساس بهم.
·  كبار السن فقدوا الكثير من حيوية الشباب وعافية الجسد ورونق الشكل وبهاء الهيئة ومجد المنصب فهم تجسيد لسُنة الله في خلقه [ومَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ]، كما فقدوا الكثير من أحبائهم ولم يبق إلا الذكرى، ولذلك فقلوبهم جريحة ونفوسهم مطوية على الكثير من الأحزان، فلتكن أنت العوض عما فقدوه، وكن الربيع في خريف عمرهم، وكن العُكاز لما تبقى.
·  كبار السن يؤلمهم بُعدك عنهم وانصرافك من جوارهم وعدم الإنصات لحديثهم وانشغالك بهاتفك في حضرتهم، فهم يحتاجون لمن يسمع حديثهم ويأنس لكلامهم ويجاملهم ويبدوا سعيداً لوجودهم، فالكلمة التي كانت لا تريحهم حال قوتهم هي الآن تجرحهم، والتي كانت تجرحهم هي الآن تذبحهم.
·  كبار السن لم يعودوا محور البيت وبؤرة العائلة ومركز الاهتمام كما كانوا من قبل فهم يحتاجون إلى بسمة في وجوههم وكلمة جميلة تطرق آذانهم ويداً حانية تمتد إليهم لمساعدتهم.
·  كبار السن هم القريبون من الله، هم البركة، دعاؤهم أقرب للقبول، فاغتنم قبل نفاد الرصيد وفوات الوقت وضياع الفرصة.
** واجبات كبار السن: كما أن لكبار السن حقوقاً فإن عليهم أيضاً واجبات فهم الأقرب للرحيل ولقاء الله، فكل آت قريب فليستعدوا لهذا اللقاء بتقديم المزيد من الأعمال الصالحة ليكونوا من الفائزين برضا الله، وذلك بالتمسك بمعاني الآيات والأحاديث الآتية:
·  قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ولْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ واتَّقُوا اللَّهَ] – تقوى الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ( العبادات وعلى رأسها الصلوات الخمس – المعاملات الطيبة بالرحمة والصبر والموعظة الحسنة مع كل الناس وعلى رأسهم الوالدين والأهل والذرية [ فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك] (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9) النساء
· 
·  -  والسلوك الرشيد وعلى رأسه حفظ اللسان والبصر وسائر الجوارح والابتعاد عن كل مانهى عنه الله ورسوله r).
·  وقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً] وذلك بالإقلاع عن الذنب – الندم على ماحدث – العزم على عدم العودة إليه – رد المظالم لأصحابها وذرياتهم أو الصدقة الجارية لصالحهم.
·  وقال تعالى: [واتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وهُمْ لا يُظْلَمُونَ] تلك آخر مانزل من القرآن الكريم وقد عاش النبي r بعد نزولها تسع ليال ثم انتقل إلى الرفيق الأعلى.
·  وفي الحديث الشريف : }أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك{ أي اجتناب الغيبة والنميمة وكل زلات اللسان والتوبة النصوح.
 }لا تزول قدماً عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه وعنه علمه فيما فعل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه{ (لاتزول أي من موقفه للحساب إلى الجنة أو النار).
 }كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل{.. أي إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، لا تركن إلى الدنيا فهي فانية ولا تتخذها وطناً دائماً، فكل شىء هالك إلا وجهه.
بر الوالدين بعد وفاتهما
  قال الله تعالى: [ وبالوالدين إحساناً] وفي الحديث الشريف } إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له{  } بروا آباءكم تبركم أبناؤكم{.
  سأل رجل رسول الله r فقال هل بقي من بر أبويّ شىء أبرهما به بعد وفاتهما؟ فقال: نعم الصلاة عليهما (أي الدعاء لهما) والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما (وصية) وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما لقوله r 
}  إن أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه{
الدعاء لهما بالأدعية المأثورة ومنها قوله تعالى: [وقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً] – وفي الأوقات المأثورة ومنها مابين الأذان والإقامة وفي السجود وعقب انتهاء الصلوات الخمس، وفي جوف الليل، وفي كل وقت.
·  الصدقة المادية والعينية ووهب ثوابها لهما (مال – طعام – ملابس – علاج – تعليم – زواج.......).
·  الصدقة الجارية (عن النفس والوالدين والأهل وأصحاب الحقوق والمظالم): التبرع لبناء أو استكمال أو صيانة أو تشغيل أو تأثيث منشآت دينية أو تعليمية أو علاجية أو اجتماعية، مقابر صدقة، إمداد بالماء والكهرباء لمناطق محرومة، توزيع مصاحف أو كتب أو مطبوعات أو أجهزة تعليمية للمحتاجين.
·   إنفاذ الوصية وقضاء الديون عنهما (زكاة – حقوق الدائنين  مايوصي به الميت لغير الورثة) وذلك من الميراث قبل توزيعه أو من مال الأبناء والأهل لقوله تعالى: [مِنْ بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ] ، وفي الحديث الشريف:
}نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يُقضى عنه{ أي موقوفة عن النعيم حتى يُسدد عنه دينه .. }امتنع رسول الله r عن الصلاة على جنازة كان صاحبها مديناً{.
·  أداء فريضة الحج عنهما إن كان ذلك مطلوباً وفي الاستطاعة.
·  صلة الرحم - والأرحام أربعة : الأخ والعم والخال والجد – ذكوراً وإناثاً وذرياتهم، وذلك بمداومة الاتصال بهم وزيارتهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم وقضاء حوائجهم ومساعدة المحتاجين منهم.
·  الاتصال والزيارة لأصدقاء الوالدين وإكرامهم باستمرار عطاء الوالدين لهم.
·  زيارة قبورهما لقوله r } كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها{ }إن الميت ليسمع قرع نعالكم – وما أنتم بأسمع منهم{ - وذلك وفقاً للقوانين الغيبية الخاصة بالحياة البرزخية في القبر.
·  في الزيارة: السلام عليهما نقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية.
·  الدعاء لهما، قراءة القرآن وخصوصاً سورة يس ووهب ثوابها لهما.
فضل وثواب بر الوالدين في الدنيا والآخرة:
-   هو طاعة لله ورسوله (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً) أى الفوز من خيري الدنيا والآخرة.
-  يوسع له في رزقه.
-  تجاب دعوته.
-  يحبه الله وملائكته فيُكتب له القبول عند أهل السماء والأرض [إنَّ الَذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وداً].
-  سلام على كبار السن، وسلام على من يراعون كبار السن، وسلام على من يصيرون من كبار السن بعد أن أكرموا من سبقهم من كبار السن والوالدين، رحم الله من رحل وحفظ الله من بقي.
المهندس/ رزق الشناوى دبلوم الدرسات العليا
المعهد العالى للدرسات الإسلامية
دبلوم معهد إعداد الدعاة